الكاتب : د. مصطفى
يشهد المغرب، على غرار بقية المجتمعات، تحولات عميقة تمس البنية القيمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وفي خضم هذه الديناميات المتسارعة، يبرز الشباب كمكون محوري في الحاضر والمستقبل، بما يطرحه من انتظارات وإشكالات وتطلعات. غير أن التلكؤ في إخراج المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي وغياب إطار تعاقدي واضح ومندمج يضبط العلاقة بين الشباب والدولة، يجعلان الحاجة ملحة لبناء ميثاق وطني للشباب، يتجاوز المقاربات القطاعية الظرفية، نحو تصور شامل ومؤطر للسياسات العمومية الشبابية.
فرغم أن الشباب المغربي يشكل قوة اجتماعية وديمغرافية وثقافية حاسمة في حاضر المغرب ومستقبله. إلا أنه يجب الإقرار بكل تجرد وموضوعية بأن هذه الفئة تعيش اليوم وسط تحولات قيمية عميقة، بفعل تأثيرات العولمة الرقمية، وموجات التغريب المنتشرة، وتراجع الأدوار التقليدية لمؤسسات التنشئة، سواء منها الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية... بالإضافة إلى التناقض الكبير الحاصل بين الطموحات الفردية والواقع المجتمعي.
هذه التحولات القيمية التي يشهدها الشباب المغربي اليوم، والتي تجد صداها في تفشي ظواهر الاتكالية والعبثية والعدمية والعنف والتسول والإجرام والإدمان، وارتفاع معدلات البطالة والطلاق.. والإقبال الكبير على الهجرة بنوعيها، السرية والنظامية، كلها تطرح تحديات كبرى أمام الدولة والمجتمع، ليس فقط على المستوى الهوياتي والأخلاقي والثقافي، بل أيضا على صعيد التماسك الاجتماعي والتنمية السياسية والاقتصادية.
كيف لا، وقد تسبب الوأد التدريجي للمدرسة العمومية، بثقلها التربوي والتوجيهي الذي كانت تلعبه أيام زمان، وطرح غياب أو تغييب نماذج ثقافية وعلمية وسياسية وطنية تلعب دور القدوة الحسنة فراغات كبيرة، سمحت بظهور نماذج جديدة تلعب هذا الدور، شخصيات عجيبة وغريبة، تستعمل البوز الالكتروني آلية لجذب جماهير اليافعين والشباب، وتستعين بمظاهر المسخ والتفسخ لتناقش الطابوهات والتفاهات بدون حياء ولا استحياء.
تطلق آلاف الفيديوهات المباشرة وغير المباشرة بدون معنى ولا جدوى إلا جذب جمهور اليافعين والشباب الساخط على الوضع، والذين يجدون في كلامهم وفي غنائهم وفي صراعاتهم ومشاحناتهم بعضهم البعض ملاذا للهروب من الواقع، عبر الضحك الجنوني والعبث بالمفاهيم التقليدية وبالقيم الأخلاقية وبكل شيء...تحت أرضية، أن كل ممنوع مرغوب، وكل ما هو غير مألوف وخارج عن العادة مطلوب.
تنميط صورة المعلم المربي، وتقهقر صورة الفاعل الحزبي الموجه واستبداله بالتقنوقراطي البراغماتي، وغياب نماذج حسنة للاقتداء بها، واستغراق النخبة السياسية لوقتها في التسابق نحو صدارة المشهد السياسي الذي يزداد قتامة يوما بعد يوم، واكتفاء جزء كبير من النخبة المثقفة بالإطلالة على تعقيدات المجتمع من برجها الذي شيدته عاليا في الخيال، بالإضافة إلى موجات الاستهلاك المفرط إلى حد الإدمان لشبكات التواصل الاجتماعي المليئة بالتفاهة والسلبية، وتراجع أدوار الوسائط التقليدية كالأسرة والمدرسة... كلها عوامل وأسباب ساهمت في تغيير أنماط التفكير والسلوك لدى شريحة اليافعين والشباب، وأثرت على تمثلاتهم وعلى منظومة القيم ببلادنا ككل.
ولم تكتف هذه العوامل بهذا فقط، بل ساهمت في صعود نزعات الفردانية والأنانية والتقوقع حول الذات والارتباط المفرط بالوسائط الالكترونية، مما ينذر بتصادم بين فئة الشباب المتحرر كليا والشباب المحافظ تقليديا، كما ينذر بفجوة قيمية ومعرفية أدت إلى ضعف التواصل داخل الأسرة والمؤسسات، وقد تؤدي لا قدر إلا إلى إحداث قطائع بين الأجيال وبين القيم المجتمعية الأصيلة، وبين السلوكات الفردانية والجماعية، وبين أجيال الشباب الحالية والمستقبلية من جهة وبين مؤسسات الدولة وقوانينها ومبادئها الجمعية من جهة ثانية، ولعل بروز مظاهر التمردات الثقافية والهوياتية عبر أنواع الموسيقى الجديدة، والتي ليست كلها جيدة ورفيعة الذوق، والحديث اليومي المبتذل وطريقة اللباس غير المفهومة وطرق التعامل المستحدثة مع الجسد لهي علامات على اقتراب تفجر الأزمة على مختلف الأصعدة.
وإن كان هذا هو الوجه السلبي للتشخيص، فإن له أيضا أوجه إيجابية، إذا ما ركزنا على الجوانب المشرقة لعطاءات جيل شباب اليوم، الذي يفرحنا بالنتائج المبهرة التي يحققها على مستوى التحصيل الدراسي سواء داخل أرض الوطن أو خارجه، أو من خلال مشاركاته وتمثيل المغرب في المهرجانات والمسابقات الإقليمية والقارية والعالمية، وفي مختلف الشعب والتخصصات.
كما أن ما يثلج الصدر، هو ميلاد قيم فاضلة بديلة نتيجة التعامل مع عالم التكنولوجيا ومستجداته، من خلال ظاهرة التضامن الرقمي، التي انتشرت في مرحلة انتشار وباء كوفيد 19 وأثناء الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، وكذلك غداة وقوع زلزال الحوز، حيث عرف المغرب ازدهارا للعمل التطوعي، الميداني والرقمي، بما يؤكد بأن التضامن قيمة أصيلة في المجتمع المغربي، لن تقضي عليها موجات التغريب ونزعات الفردانية وإن كثرت.
بناء على ما سبق، يمكن أن نستنتج بأن الشباب المغربي ليس في أزمة هوية، بقدر ما هو في سيرورة بحث عن معنى جديد لإثبات الوجود وفرض الذات والكرامة، والمواطنة. فالتحولات القيمية التي يعيشها الشباب تطرح سؤالا وجوديا على الدولة والمجتمع، يتجلى في مدى امتلاك الجرأة والقدرة لإعادة بناء تعاقد اجتماعي جديد يضع الشباب في قلب المشروع التنموي والثقافي؟.
فواقع الشباب المغربي اليوم وإن كان يتميز بتجاذب دائم بين الانفتاح على العالم والتمسك بالهوية الأصيلة. فإن التحدي الحقيقي لكل من الدولة والمجتمع يكمن في بناء وعي نقدي وشخصية متوازنة قادرة على التفاعل مع العصر دون التفريط في الجذور. بما يتطلب ذلك من تضافر لجهود كل من الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام المختلفة، وخصوصا الرسمية منها، بالإضافة إلى جمعيات المجتمع المدني وكافة المؤسسات الثقافية في ترسيخ هذا التوازن البناء.
إن بناء مغرب الغد يمر بالضرورة عبر الاستثمار في شبابه، وإشراكهم لا بوصفهم مشكلا، بل بوصفهم حلا، وهو ما يتطلب من الدولة استراتيجية مزدوجة، تصبو إلى تأهيل الشباب للانفتاح على العالم، دون أن يفقدوا هويتهم، ولنا في كوريا واليابان وماليزيا نماذج حية للاقتداء بها. فالتحدي ليس في المفاضلة بين الحداثة والأصالة، بل في صياغة ميثاق وطني متكامل للشباب يؤمن بالتعدد، ويجعل منهم رافعة للتنمية والتموقع الدولي، وقاطرة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وظني أن المطالبة بفتح نقاش مجتمعي، تساهم فيه جميع مؤسسات وبنيات المجتمع، وخصوصا الشباب أنفسهم، حول بناء ميثاق وطني للشباب ليس ترفا سياسيا، بقدر ما هو ضرورة مجتمعية ملحة لضمان استقرار المستقبل وإعادة بناء نموذج تنموي يراهن على طاقاته الشابة. فبقدر ما يجب أن يعكس إرادة والتزام الدولة، بقدر ما يجب أن يشكل دعوة مفتوحة ومستمرة للشباب ليكونوا فاعلين لا متفرجين في صياغة مغرب اليوم والغد.
Monday 13 October 2025
هبة بریس - منذ 3 أشهر
من أجل ميثاق وطني للشباب


البرلمان يمطر حكومة أخنوش بأسئلة حارقة حول جودة التعليم ومآل مكافحة الفساد عشية احتجاجات شباب Z
- مغرس
خبراء وفاعلون مدنيون يحذرون بنيويورك من تبعات التواطؤ الثابت للبوليساريو مع التنظيمات الإرهابية بالساحل
- مغرس
مونديال الشباب: المنتخب المغربي إلى المربع الذهبي للمرة الثانية في تاريخه بانتصاره على أمريكا
- مغرس
الكشف عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة تضم وزيرتين مغربيتين داتي وزيرة للثقافة ونعيمة موتشو وزيرة ما وراء البحار
- مغرس
نجيب أقصبي ل لوموند : حركة جيل زد نتيجة مباشرة ل رأسمالية التواطؤ في المغرب التي سحقت الفقراء والطبقة الوسطى
- مغرس
غالي: مسؤول إسرائيلي قال لنا ما ذنبنا إذا كانت دولتكم لا تريدكم .. ولم يتدخل أي دبلوماسي مغربي لتحريرنا أو استقبالنا
- مغرس
الساسي يقدم قراءة تحليلية لتحولات المشهد الانتخابي في المغرب من نزاهة انتخابات 1960 إلى هندسة استحقاقات 2026
- مغرس
مركز تفكير أمريكي: الخطاب الملكي يرسم مسارا استراتيجيا نحو مزيد من العدالة الاجتماعية والمجالية
- برلمان.كوم
أكاديميان يابانيان يؤكدان أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل الحل الواقعي لقضية الصحراء أمام الأمم المتحدة
- برلمان.كوم
البطيوي: موسم أصيلة الثقافي كان ناجحاً واستثنائياً في أول دورة بعد رحيل المؤسس بن عيسى (صور)
- برلمان.كوم
احتفال لاعبي المنتخب المغربي مع الجماهير بعد الفوز على أمريكا والتأهل لنصف نهائي مونديال الشباب
- هبة سبور
لاعب أمريكا ماركوس زامبرانو يحاول الإشتباك مع لاعبي المنتخب المغربي بعد الخسارة القاسية بثلاثية
- هبة سبور
في ظل ركود ثقافي وتجاري... جمعيات المجتمع المدني تحيي الحي البرتغالي بأنشطة تراثية وفنية تستلهم التوجيهات الملكية
- مغرس
متطوع مغربي يفنّد روايات حول ظروف اعتقال عزيز غالي المحتجز في السجون الإسرائيلية بعد قرصنة أسطول الصمود
- مغرس
ثمن نهائي مونديال الشيلي.. المنتخب المغربي يواجه نظيره الكوري و عينه على انتزاع بطاقة العبور نحو الربع
- مغرس
الحكومة تفتح بابا جديدا للتغول… الإعلامي تحجيم الأصوات المعارضة، وتعريض البلاد لخطر «ديمقراطية الشارع»!
- مغرس
المطالب الشبابية بالمغرب: تطوّر الشكل وضرورة إعمال الديموقراطية التشاركية الرهانات الوطنية وتحديات العولمة (2)
- مغرس
صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تشارك في الجلسة رفيعة المستوى للمؤتمر العالمي للطبيعة الذي ينظمه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة
- مغرس
مكتب الاتصال المغربي بتل أبيب ينجح في الإفراج عن عزيز غالي وعبد العظيم بن الضراوي بعد احتجازهما في إطار أسطول الصمود
- مغرس
ديرها غا زوينة.. وأخيرا استقالة أخنوش من الحزب/ انتخابات قبل الأوان/ أسرار حركة جيل Z / اصمت يا.. (فيديو)
- برلمان.كوم
عشية الخطاب الملكي أمام البرلمان.. حركة جيل زد تدعو إلى تجديد التظاهر الخميس في أكثر من 20 مدينة مغربية
- مغرس
كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يكتب التاريخ ويتأهل إلى الربع النهائي على حساب كوريا الجنوبية
- مغرس
الملك محمد السادس يترأس غدا الجمعة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة
- برلمان.كوم
النهج الديمقراطي : الاحتجاجات الشبابية تعبر عن مطالب الشعب المغربي في العيش الكريم ومكافحة الفساد والاستبداد
- مغرس
مونديال 2026 .. منتخب مصر يحجز ،من الدار البيضاء ،بطاقة العبور إلى النهائيات عقب فوزه على جيبوتي(3-0)
- مغرس
المملكة المغربية ترحب بإعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة (وزارة الشؤون الخارجية)
- مغرس
حزب التقدم والاشتراكية: الكيان الصهيوني مُطالَبٌ بأن يَحترم فورًا اتفاق وقف العدوان على غزة دون تلكُّؤ أو مناورة
- مغرس
المنتدى الاقتصادي المغربي الفرنسي : الأقاليم الجنوبية، قطب نمو جديد في صلب التعاون المغربي الفرنسي (زيدان)
- مغرس
جلالة الملك يهنئ العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس وصاحبة الجلالة الملكة ليتيزيا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما
- مغرس
الخزينة.. مركز التجاري غلوبال ريسورش يتوقع عجزا متحكما فيه بنسبة 3,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2025
- مغرس
الطالبي العلمي: خطاب جلالة الملك تضمن توجيهات سامية لتعزيز روح المسؤولية لدى مختلف المؤسسات للمضي قدما في مسار التنمية
- مغرس
حين تنساق الحكومة وراء تلميع الواجهة الدولية وتنسى الأولويات الداخلية.. آش خاصك آ العريان؟ ملعب الهوكي آ مولاي
- برلمان.كوم
خبير أمريكي: خطاب الملك محمد السادس يحدد مسارا استراتيجيا لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية بالمغرب
- برلمان.كوم
الجيش الإسرائيلي يقول إن الدبابات غادرت المحور الساحلي في نتساريم، والدفاع المدني في غزة يفيد بانسحاب آليات الجيش من عدة مناطق
- مغرس
التجمع الوطني للأحرار يدعو إلى استكمال الخيار الديموقراطي و لاسبيل لتسريع مسيرة المغرب سوى بتغليب المصلحة العليا
- مغرس
الملك محمد السادس يهنئ العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما
- برلمان.كوم
اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر .. بوزنيقة، 17 – 19 أكتوبر 2025 : وثيقة حول المغاربة المقيمين بالخارج
- مغرس
جلالة الملك يهنئ العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس وصاحبة الجلالة الملكة ليتيزيا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما
- مغرس
غالي وبنضراوي يعودان اليوم إلى المغرب بعد الإفراج عنهما إثر مشاركتهما في أسطول الصمود العالمي
- مغرس
كأس أمم إفريقيا المغرب 2025.. انطلاق بيع التذاكر يوم 13 أكتوبر وإطلاق تطبيق يالا لهوية المشجعين
- مغرس
حماس لن تشارك في مراسم التوقيع على اتفاق إنهاء الحرب في غزة وتتوقع مرحلة من المفاوضات أكثر صعوبة
- مغرس
خبير أمريكي: خطاب الملك محمد السادس يحدد مسارا استراتيجيا لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية بالمغرب
- برلمان.كوم